الخميس، 13 أكتوبر 2011

رسالة إلى أخي و صديقي و زميلي و ابن وطني !!




[ من الأرشيف ] - 08 أبريل، 2011

 أخي الحبيب ، و صديقي الجميل ، و زميلي الغالي ، يا من جمعتني به أروع اللحظات ، و أجمل السويعات
أسعد الله أوقاتك بالخير و المسرّات

كم اشتقت إليك و لا أجد ما يعبّر عما اكتنزه من شوقٍ عارمٍ بين أضلعي ، و لا زلت أتذكر أيام طفولتنا الخالدة سويةً و شقاوتنا و لعبنا ، و بين الفينة و الأخرى ترتسم على شفاهي ابتسامة تلقائية و السبب عبور أي موقف أتذكره من تلك الطفولة الصافية ، لا زلت أتذكر زمالتنا في المرحلة الابتدائية و تلك المواقف و المقالب و المشاكسات ، أ تذكُر عندما أوقفني مدرّس الرياضيات ذات مرةٍ كي يسألني في أحد الحصص فلم أعرف الإجابة ، فإلتَفتُّ عليك و وجدتك غارقاً في نوبة من الضحك ؟!.. أ تذكُر عندما كنت آتي أحياناً المدرسة و أنا لم أقم بحل الواجب المنزلي و آخذ منك كراستك و أحل الواجب سريعاً و كيفما اتفق قبل مجيء الأستاذ حتى أنجو من حسم الدرجات و التوبيخ ؟!.. أ تذكُر عندما كنت أنت تأتي للمدرسة متأخراً صباحاً و يوبّخك المرشد الطلابي و يجعلك تقف على ساقٍ واحدة جزاءاً و ردعاً لتأخيراتك المتكررة ؟! أ تذكُر عندما كنت تنسى مصروفك أحياناً و أقاسمك فطوري الذي كانت تعدّه لي والدتي ؟! أ تذكُر عندما كنًّا نخطط في بعض الأيام لتسلّق سور المدرسة في وقت الراحة من أجل الإفطار في الكافيتريا المقابلة للمدرسة تمرّداً منَّا على ما يُباع في المدرسة من وجباتٍ لا تروق لنا ؟!       أ تذكر في حصص التربية الرياضية عندما يُقسّم الأستاذ طلاب الفصل إلى فريقين و نُصِرّ في كل مرة أن نكون أنا و أنت في فريقٍ واحدٍ ؟!
أ تذكر في ذكرى اليوم الوطني للمملكة ، عندما طلب مُدَرّس التربية الفنية من كل طالبين أن يرسما سوياً لوحةً مُعبِّرةً عن هذه المناسبة الوطنية الغالية على قلوب الجميع ، و رسمنا أنا و أنت علم وطننا الغالي السعودية بلونيه الأخضر و الأبيض ؟!.. الأخضر هذا اللون الذي يدل على العاطفة و التعاون ، هذا اللون الذي يعكس الطبيعة و النمو و الحياة ، و الأبيض الذي يدل على العزيمة و يرمز للفكر الواضح و الحر ، و بعدما انتهينا من رسمها أُعجب بها المُدَرّس و طلب منا أخذها كي يعرضها في لوحة التربية الفنية ؟!

كنّا صغاراً ، لم نكتسب أي رصيد فكري عدائي ، أو موروث بغضائي ، و لم تلوثنا الطائفية النتنة بملوثاتها . مرت الأيام و انتقلنا إلى مراحل دراسية متقدمة يا صاحبي ، و فرقتنا الصفوف الدراسية بعدما جمعتنا و أسهمت في بناء أبراج عملاقة من المشاعر الجميلة و الذكريات الرائعة التي لا زالت مطرزة في الصدور ، و لكن الفرقة أسهمت في إضعاف علاقتنا برغم إصرارنا على التواصل في بداية الأمر بالاتصالات ، و لكن الأيام و هيمنتها بددت تواصلنا بشكل تدريجي .

و بعد عدة سنوات ، حدثت المفاجأة الغير متوقعة ، وعدت و التقيت بك مجدداً ، فبعد أن جمعتني بك مقاعد الدراسة يوماً ، ها هي تجمعني بك مقاعد الوظيفة من جديد ،  و نبش هذا اللقاء في أرض الذكريات ، و أجج مشاعر الصداقة و الأخوة العتيقة ، و ظننتك أنت كما كنت ، و لكن ....!!

سررت يا صاحبي لأنني التقيتك مجدداً كي نسترجع ذكريات الطفولة ، و نستعيد مشاغبات الدراسة ، و حزنت جداً بعدما لمست فيك التغيير الكبير ، فوجدت من هو أمامي شخص مختلف تماماً عن الذي عهدته ، لمست فيك تفكير الرجل المخالف المتشدد ، بعكس ما كان عليه الطفل التلقائي المرن ، فبعدما كنت تشاطرني الفطيرة صباحاً ، صرت الآن تتمنع و تخشى أن تشرب من دلة القوة و تأكل من صحن التمر الذي أجلبه كل يوم إلى مقر العمل ، و بعدما رسمنا علم الوطن في ذكرى اليوم الوطني صغاراً ، أنت اليوم تطعن في وطنيتي و تشكك في ولائي لوطني .

عجبي من بعض الدول كالهند ، التي تحتضن ديانات و قِبَل و آلهة كثيرة ، و برغم ذلك نجد الألفة فيما بينهم ، و الوحدة و الانسجام و التعاون و العمل المشترك و التجارة الواحدة ، و نحن ديننا واحد و قبلتنا واحدة و إلهنا ، و نجد الفتن بيننا ، و الحروب المذهبية التي أدت للكره و البغض و دعوى البعض حتى لمقاطعة البعض الآخر حتى في تجارته و فيما يبيعه !!

أخي الحبيب ، يا من جمعتني به الطفولة و البراءة ، و اللقمة الواحدة ، و الفصل الدراسي الواحد ، و العادات و الزيّ الواحد ، و قبل هذا الدين و الوطن الواحد ، و الله و بالله و تالله أني أحبك في الله و لله ، و لا أحمل في قلبي عليك مثقال ذرةٍ من بغض أو كره ، فهل لنا أن ندرأ الفرقة ، و نسد باب كل ذريعة قد تشق عصى الوحدة الوطنية ، و نمقت الشتات ، و نسعى لتوحيد الصف ؟!.. هل لنا أن نعود أطفالاً كما كنا ؟؟.. إذا كان ذلك هو الحل فأهلاً بالطفولة الأبدية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق