الخميس، 30 أغسطس 2018

شيماء العيدي أيقونة سعادة و أمل !!



شيماء العيدي ، شابَّة كويتية يتم تداول اسمها و صورها و مقاطع ڤيديو خاصة بها عبر حسابات الفنانين و المشاهير و صُنَّاع المحتوى في وسائل التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية ، كما أنها محطّ اهتمام القنوات الفضائية.
حضورها الكثيف ، و تواجدها الطاغي ، و الاهتمام البالغ الذي تُحاط به في كافة وسائل الإعلام هذه الفترة لافت ، و يدفع عجلة التساؤلات و يثير الفضول : تُرى ، مَنْ هي شيماء العيدي ؟!.. و لِمَ جذبتْ الأنظار و شدَّتْ الانتباه ، و كيف حقَّقتْ في فترةٍ وجيزةٍ مالم يُحقِّقنه الكثيرات من بنات جيلها خلال سنين طوال في ساحات التواصل الاجتماعي ؟!
في الحقيقة ، ما سبق كانت عوامل مُحفِّزة لي لاقتفاء أثر هذه الشيماء و تتبُّع خطاها . هي ليست فنانة مشهورة ، و لا مذيعة لامعة ، و لا فاشنيستا لافتة ، و لا عارضة أزياء . هي مُعلِّمة لغة انجليزية للأطفال ، ومتطوِّعة في تعليمها لذوي الاحتياجات الخاصة.
انطلقت قصتها عندما أُصيبت بالسرطان قبل أكثر من عامين ، و بدأت في تلقّي العلاج وقتئذٍ في بريطانيا ، و تم رفع تقريرًا طبيًّا بحالتها الصحيَّة لأحد المستشفيات الأميريكية مؤخرًا تمهيدًا لاستقبال حالتها ، إلا أنَّ الأخير رفض إستقبال الحالة لتأخُّر المرض لمرحلة لا علاج لها حسب تصريحهم .
رغم كل ذلك ، لم تستسلم ، و لم تنهزم ، و أصبحت حديث الناس ، و المؤثرة فيهم . لم تطرد خلف الشهرة ، ولم تسعَ للوقوف على المِنصَّات ، و تحت الأضواء ، بل أن الأضواء هي مَنْ اختطفتها . إنها صانعة محتوى ، لكن من نوع آخر .

من خلال سيرةٍ ذاتيةٍ مُقتضَبَة ، انتخبَتها للتعريف بذاتها ، ذكَرتْ أنها :
- صاحبة أول موقع للتبرّع بالخلايا الجذعية لأطفال السرطان .
- صاحبة أول مشروع عالمي للتبرُّع بالمجان بقبعات موصولة بالشعر المستعار لأطفال السرطان  "فئة البنات".
- صاحبة حملة ( أنا أقدر ) المُعتمدة بموقع خاص بها من شركة Snapchat العالمية .
- لُقِّبت بـ : سفيرة العمل الإنساني للشباب العربي .

أوبعد كل هذا يحق لنا أن نَصِف شيماء بالمريضة ؟
و هي التي حاربت المرض ، و تجاوزت أسوار المستشفيات ، إلى ميادين العمل و الإنجاز ، و أمسَتْ شُعلةً من النشاط و الحركة ، و تُقدّم العون و المساعدة لمن يحتاجهما. بل أنها اتخذت من عبارة "سأهزم السرطان بإذن الله" شعارًا يعتلي حسابها في موقع Instagram العالمي الشهير .
شيماء العيدي ليست إنسانة مريضة ، بل هي إنسانة مُبدعة و مُلهمة ، لم تصنع الكآبة في عالمها بسبب مرضها ، بل صنعت البهجة و الحبور ، و نثرتْ الأمل عِوضًا عن الألم ، و جعلت للمعاناة معنى.
تُدَوّن شيماء يومياتها و خواطرها تحت عنوان : " يومياتي مع مرض السرطان" ، و ذلك على موقع Instagram ، و تحظى تدويناتها و خواطرها باهتمامٍ بالغٍ ، و تفاعلٍ واسعٍ ، و تحصد الآلاف من بصمات الإعجاب من متابعيها بشكلٍ يومي. لِما تركته من تأثيرٍ غائرٍ في نفوسهم ، و لما تحمله كلماتها من بُعد إنساني و وقود معنوي يشحذ الهِمَم ، و يُشعِل جذوة الحماسة في أعماقهمفعباراتها ليست مُجرّد خربشات ما قبل النوم ، و لا خواطر غزل طائشة ، بل هي تراتيل تعرج إلى السماء ، و تحمل على جناحيها مناجاة روح أرهقها المرض لربٍّ رحيم.
هي اليوم أيقونة مدهشة . أدهشت الأَصِحَّاء فضلًا عن المرضى ، و انعكست ضراوتها الممزوجة بابتسامتها على معنويات متابيعها من مرضى السرطان الذين اتخذوا منها أنموذجًا يشدُّ من أزرهم ، و يرفع من معنوياتهمإنها الروح العالية ، و العزيمة الفَذَّة ، و الإيمان الراسخ. إنها صاحبة مشروع إنساني حقيقي ، بل عدِّة مشاريع ، عملتْ على تأسيسها و رعايتها بنفسها ، لإيمانها بدور الإنسان في المجتمع ، و ما يجب أن يُقدّمه الإنسان لأخيه الإنسان ، و ما يجب أن يتلقّاه الإنسان من أخيه الإنسان.
البعضُ يرى الحياة مُمِضّة و داكنة ، رغم امتلاكه لمقومات البهجة ، أو على الأقل مقومات الحياة الطبيعية ، و البعض الآخر يرى الحياة مُبهجة عابقة ، رغم ألمه و أوجاعه !!
يكمُن الفرق في زاوية الرؤية لهذه الحياة .

 raedaalbaghli@